وكلما سرت في جنبات الموقع، وتجولت في ثنايا تاريخه، وما يحمله في طياته من تعقيدات، علقت في دوامة من التساؤلات والتناقضات. إذ تعكس بينمونده الجوانب الأكثر ظلاما وإشراقا في النفس البشرية في آن واحد. لذا، فإن الجميع سيتأثر بشكل أو بآخر بهذا المكان في الوقت الحالي. وطالما ألهمت بلدة بينمونده فنانين عالميين ليتواصلوا بفنهم مع ذلك الموقع، مثل الرسام غريغوريو إيغليسياس مايو، الذي جاء من إقليم كتالونيا، وفنان الطباعة الأمريكي المكسيكي ميغيل أيه أراغون. Madhvi Ramani كان للأبحاث التي أجريت في بينمونده أثر كبير على مستقبل أسلحة الدمار الشامل والرحلات الفضائية وقد رسم مايو لوحة زيتية ضخمة عرضها 121 قدم، وطولها 40 قدم في باحة المتحف، أبرز فيها علاقة الإنسان بالآلات والمعدات التقنية الحديثة. ويقول مايو إن بينومنده "كانت يوما ما تحتضن معسكر اعتقال نازي، ومركزا للأبحاث والابتكارات، وشهدت النبوغ العلمي، ومراحل الضعف، والتناقضات والاحباطات، والعجز، وكانت مسرحا للصراع من أجل المبادئ الأساسية". وبخلاف الرسومات الفنية، يسعى المتحف لطي صفحة الماضي باستضافة حفلات لأوركسترا فيلاهارمونيك لبحر البلطيق، في القاعة التي كانت تضم فيما مضى توربينات توليد الكهرباء في محطة الطاقة.
"الصلب وليس اللحم" كما تكشف دراسة وبحث المستوى التشغيلي أيضًا عن منظور جديد، إذ إن الأمر لا يتعلق فقط بالأسلوب التكتيكي، بل يتعلق بأمور أخرى كثيرة. فعلى سبيل المثال، كانت بريطانيا قد اتخذت قرارا بخوض سباق حرب ميكانيكية وتكنولوجية فائقة، تحت شعار "الصلب وليس اللحم". ويعد هذا هو السبب في أن البريطانيين كان لديهم جيش صغير، لكنه كان مدعوما بالآليات بنسبة 100%. كما أن البريطانيين قاموا بتطوير سلاح جوي راسخ، حيث قاموا بتصنيع 132500 مقاتلة مذهلة خلال الحرب العالمية الثانية، بما يزيد بعدد 50000 مقاتلة عن الألمان. وحتى بداية عام 1944، ولم تكن الأولوية للقوى العاملة في بريطانيا هي الجيش، أو القوات البحرية، أو حتى القوات الجوية، وإنما كانت وزارة إنتاج الطائرات. كما أن المصانع امتلأ برجال ونساء أقوياء، يتم تغذيتهم بشكل جيد. العبيد وأسرى الحرب ويسرد كتاب "الحرب في الغرب: ألمانيا الصاعدة 1939-1941" أن ألمانيا، كانت على الجبهة المقابلة تعاني من نقص شديد في إنتاج الآليات والمعدات، على الرغم من امتلاكها لجيش جرار، ومما يعني أن الألمان كانوا يعتمدون على قوة الحصان وضربات المشاة. وأدى الاتجاه لاستخدام هذا العدد الكبير من الرجال الألمان على جبهة القتال، إلى الاضطرار لتسخير واستغلال العبيد وأسرى الحرب للعمل في المصانع، وتأثرت القدرة الإنتاجية والجودة بسبب أن القوى العاملة (من العبيد وأسرى الحرب) كانت تعاني من نقص التغذية وسوء المعاملة.
6. من اسلحة الحرب العالمية الثانية البندقية M: في بداية الحرب العالمية الثانية، استخدمت الجيوش بنادق في بعض الحالات تعود الى القرن التاسع عشر ، فادخلوا بنادق M- 1 و Garand والبندقية النصف آلية التي يمكن ان تضخ الرصاصات ذات معدل اعلى من النار وبندقية M- 1 مكنت المشاة الامريكية من توليد معدلات رائعة من النار وفقا لمعايير عام 1940 ، وكان ذلك خطئا كبيرا لان المشاة الامريكيين كانوا مسلحيين تسليحا ضعيفا، مع عدم وجود مدفع رشاش على نفس مستوى الفريق الالماني ، ففي هذا الوقت كان كل من الالمان والسوفييت لديهم خبرة عملية اكثر بكثير من مجرد حرب برية، واختاروا في نهاية المطاف تسليح قواتهم مع هذه المدافع الرشاشة التي تفتقر الى النطاق، ولكنها يمكن تبث الكثير من الرصاص ، وكانت بندقية M- 1 سلاح قوي يمكن الاعتماد عليه واعطت الرماه الامريكية فرصة للقتال ضد اعدائهم. 7. من اسلحة الحرب العالمية الثانية غواصات غاتو: الناقلات البحرية الامريكية والسفن الحربية حصلت على مجد كبير في هزيمة اليابان، ولكن 55% من الحمولة البحرية اليابانية غرقت من قبل الغواصات الامريكية، وبحلول عام 1945، كانت الغواصات الامريكية خفضت الى حد كبير شريان الحياة البحرية في اليابان ، وكان المحرك الفعال لهذا الدمار هو غواصات غاتو وكانت هي العمود الفقري لاسطول الولايات المتحدة تحت الماء ، وكان هناك الكثير من النقاش حول كيف هي فعالة في القتال تحت الماء في الحرب العالمية الثانية ، وتعتبر غواصات غاتو واحدة من الاسلحة البحرية الاكثر فتكا على الاطلاق.
8. من اسلحة الحرب العالمية الثانية القنبلة الذرية: هذه القنبلة على القائمة على خلاف الاسلحة التقليدية ، كانت سلاحا ذو حجم مختلف، فكانت جهاز يمكن ان يطحن مدينة باكملها ، فقد كانت اكثر شمولا من غارة تحتوي على الاف القاذفات العادية ، فاستطاعت الولايات المتحدة تسخير الموارد العلمية والصناعية في مشروع واحد، وكسلاح من اسلحة الحرب في الحرب العالمية الثانية، كانت قنبلة – A صدمة اكبر من حيث انها قيمة عملية، وكانت ايضا معقدة للغاية ، وحققت ذروة في التكنولوجيا العسكرية، وهذا السلاح يمكن ان يقتل 60000 شخص في جزء من الثانية.
ويختتم هولاند مقالته قائلا: "هكذا تتأكد أن الكفاءة كانت مفتاح النصر في الحرب العالمية الثانية، بعيدا عن أي مبالغات بشأن القدرات الألمانية وقتئذ".
4. من اسلحة الحرب العالمية الثانية مدفع V- 3: كان مدفع V- 3 هو من الاخ الاصغر سنا للمدافع V- 1 و V- 2 التي سحقت لندن خلال الحرب الخاطفة ، وتم وضعه في صيف عام 1944، وتم تصميم مدفع V- 3 لكي يقوم باطلاق 300 قذيفة على شكل سهم طوله تسعة اقدام كل ساعة ، وعندما اصبح مدفع V- 3 اخيرا ضمن التشغيل، سرعة قذيفته كانت مجرد 3280 قدم في الثانية، وهي على حسب التقديرات نحو نصف ما كانوا بحاجة اليها للوصول الى لندن ، وقام هتلر بانتاج 50 من هذه الاسلحة، ولكن قبل ان يتم تنفيذ النسخ الاصلية لمدفع V- 3، قصفت قوات الحلفاء ودمرت المدفع، على الرغم من الجهود الالمانية لاخفاء الذخائر تحت اكوام التبن. 5. من اسلحة الحرب العالمية الثانية صمامات القذيفة القريبة: كانت صمامات القذيفة لا تعتبر عادة كأسلحة ، ولكن الطيارين اليابانيين والمشاة الالمانية تعلموا ما هو خلاف ذلك ، فبدأت القضية عندما كانت تفتقر معظم مدافع الطائرات الى رادارات او اجهزة كمبيوتر متطورة للسيطرة على الحرائق، وبالتالي كانت فرصهم في ضرب الهدف ليست كبيرة ، وكانت هناك حسابات معقدة حول درجة حساب اين تتقاطع مسار قذيفة الطائرة ، واصبحت مشكلة حادة حقا عندما واجهت السفن الحربية الامريكية الانتحاريين اليابانين ، فقد كانت فكرة احدهم اللامعة في وضع رادار صغير في انف كل قذيفة مضادة للطائرات ، لكي تضرب الطائرات بطريقة فعالة ، وتم تعيين قذيفة تنفجر مرة واحدة عند لمس الرادار على متن الطائرة عندما يكون الهدف قريب بما فيه الكفاية، وترش سحابة من الشظايا تغطي مساحة اوسع.
مصدر الصورة Alamy لعبت الأبحاث وأعمال تطوير الصواريخ التي نُفذت في مركز البحوث العسكرية ببلدة بينمونده في جزيرة أوزدوم الألمانية، إبان الحقبة النازية، دورا محوريا في تغيير مسار الحرب العالمية الثانية، وأثرت أيضا على مستقبل أسلحة الدمار الشامل والرحلات الفضائية. لم يدفعني لزياة جزيرة أوزدوم الألمانية، كشأن الكثير من زوارها، سوى رؤية شواطئها الرملية، وتناول شطائر السمك المحلية الشهيرة، والتجول في مدنها الساحلية الخلابة، مثل مدينة هيرنسدورف. وقد كانت هذه الجزيرة الصغيرة النائية مقصدا لملوك بروسيا سابقا، ثم سكان ألمانيا الشرقية فيما بعد. لكن في الفترة ما بين عامي 1936 و 1945، احتل الجيش النازي إحدى البلدات الصغيرة بهذه الجزيرة لغرض خبيث. تطل بلدة بينمونده على مصب نهر "بين"، الذي ينساب نحو بحر البلطيق. وفي عام 1935، اختار فيرنر فون براون، مهندس الصواريخ الألماني ، هذه البلدة الصغيرة التي ستوفر له مساحة 400 كيلومتر بمحاذاة الساحل الألماني لاختبار مدى القذائف والصواريخ، ورأى أن موقعها مثالي لإقامة مقر سري لتطوير الصواريخ واختبارها. وكانت أعمال بناء أكبر وأحدث مركز لإعادة التسليح تسير على قدم وساق.
خطاب من الملكة ولحظة تأمل وفي لندن، ستتوجه ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية عبر قناة "بي بي سي" بخطاب إلى البريطانيين، في الساعة 20, 00 بتوقيت غرينتش، وهو الوقت الذي تحدث فيه والدها الملك جورج السادس عبر الإذاعة عام 1945. ماكرون أقام مراسم مختصرة في قصر الإليزيه (رويترز) ويبدأ إحياء الذكرى في المملكة المتحدة عند الساعة العاشرة بتوقيت غرينتش، بلحظة تأمل وطنية ودقيقتي صمت. وبسبب الوباء، ألغيت الاحتفالات في الشوارع وتجمعات المحاربين القدامى، ودعت الحكومة السكان إلى الاحتفال في بيوتهم عبر اقتراح أفكار لألعاب أو وصفات أطباق. وشبّه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون -في رسالة وجهها إلى المحاربين القدامى- وباء كوفيد-19 بالحرب العالمية الثانية، وكتب "في هذه الذكرى، نخوض معركة جديدة ضد فيروس كورونا المستجد الذي يتطلب منا روح الجهود الوطنية التي جسدتموها قبل 75 عاما". وفي العاصمة التشيكية براغ، سيتوجه المسؤولون السياسيون الواحد تلو الآخر بفارق عشر دقائق، إلى قبر الجندي المجهول لوضع أكاليل من الورود. أميركا تحتفل "افتراضيا" وسيضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عند الساعة 15:30 بتوقيت غرينتش إكليل ورود أمام نصب الحرب العالمية الثانية في واشنطن، بينما تنظم وزارة الدفاع الأميركية من جهتها "يوما لانتصار أوروبا" افتراضيا، مع برنامج مباشر يبث على موقعها وشبكات التواصل الاجتماعي.
وعمل في هذا الموقع، الممتد على مساحة 25 كيلومترا مربعا، نحو 12 ألف شخص لتصنيع وتطوير صواريخ كروز الموجهة الأولى من نوعها، بالإضافة إلى الصواريخ الضخمة التي تعمل بكفاءة. وقد لعبت أعمال البحث والتطوير التي نُفذت في قرية بينمونده دورا محوريا في تغيير مسار أكبر حرب في التاريخ، وفوق ذلك كان لها أثر كبير على طرق تصنيع أسلحة الدمار الشامل، والرحلات الفضائية. Getty Images Image caption يأتي السواح خصيصا لجزيرة أوزدوم للاستمتاع بشواطئها الرملية ومدنها الساحلية الخلابة. واليوم، لم يتبق من هذا المجمع إلا محطة طاقة قديمة مبنية بالطوب الأحمر، تحتضن متحف بينمونده التقني التاريخي. وعندما زرت المحطة، بعث ذلك المبنى المستطيل في نفسي الرهبة بمداخنه الضخمة الصدئة، ونماذج الصواريخ الموزعة على أرض المتحف. لكن عندما دخلت المبنى، غمرتني الدهشة حين رأيت المعروضات، من المستندات القديمة، وأجزاء من الأذرع المعدنية لتوجيه الطائرات، إلى بقايا الصواريخ، وبعض المضخات التوربينية. ووظف والتر دوبرنبرغر، القائد العسكري لبرنامج الصواريخ، نبوغه العلمي الهندسي الذي اقترن بسوء نواياه، لتحقيق أغراضه العدوانية. ووصف دورنبرغر، في خطاب مكتوب بخط يده ألقاه سنة 1942، الإطلاق الموفق لصاروخ "أغريغات 4 (أيه 4)"، وهو أول صاروخ طويل المدى، ويعرف باسم "في 2"، أو "سلاح الانتقام"، بأنه "حلم المهندس بتطوير أحد الاختراعات الأكثر تطورا في العصر الحديث، الذي يمهد السبيل لبلاده لتتفوق على سائر البلدان عسكريا، واقتصاديا، ومن ثم سياسيا".
وقد عمل هؤلاء السجناء تحت ظروف قاسية لإنتاج أسلحة، كان الغرض منها نشر الرعب والدمار في بلدانهم الأصلية. وفي نفس الوقت تقريبا، في صيف 1943، أدركت المخابرات البريطانية أهمية مشروع بينمونده. وأظهرت طائرات الاستطلاع والصور المأخوذة جوا أعمال تطوير وإنتاج الأسلحة الألمانية طويلة المدى، وكان لزاما على البريطانيين التحرك لإيقافها. وفي 17 أغسطس/آب ليلا، شنّ سلاح الجو الملكي البريطاني عملية "هايدرا"، أكبر عملية بريطانية موجهة ضد هدف واحد منذ بداية الحرب العالمية الثانية. ورغم أن القصف لم ينجح في تدمير أهدافه الرئيسية، فإنه نجح في تأخير إنتاج الصواريخ وإجبار الألمان على نقل البرنامج تحت الأرض في مصنع "ميتلويرك" وسط ألمانيا. وفي عام 1944، أدرك هيتلر أنه أساء تقدير الموقف، وأفصح لدورنبرغر عن ندمه على التأخر في إقرار المشروع، وقال: "أنا أدين بالاعتذار لرجلين فقط في حياتي. الأول هو القائد الميداني فون براوتشيتش، لأنني لم أصغ إليه حين نبهني أكثر من مرة إلى أهمية أبحاثك، والرجل الثاني هو أنت". (اقرأ أيضا: "كفاحي" لهتلر من أكثر الكتب مبيعا في ألمانيا) ولكن العمل الذي بدأ في بينمونده لم ينته بانتهاء الحرب.